الجمعة، 6 يوليو 2012

كاتبو صحيفة الجزيرة وكاتباتها يحاورون الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- مقال للشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

كاتبو صحيفة الجزيرة وكاتباتها يحاورون الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الحمد لله الذي أرسل رسوله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق والهدى رحمة للعالمين وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وإيمانها بالله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد؛ فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة الجزيرة في أعدادها بتاريخ 19 و20 و22 و24/6/1433هـ الموافق 9 و10 و12 و14/6/2012م حول حوار حصل من كاتبي وكاتبات صحيفة الجزيرة مع رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت قبة صحيفة الجزيرة، وقد اشتمل الحوار على إشادة المحاورين بالرئيس وأعضاء الهيئة في عهده وأن الحال في العهد الجديد تختلف عما كانت عليه من قبل، وهذه نماذج مما دار في الحوار:

قال أحد الحضور من الكتاب: بداية أشيد بخطوات معاليكم منع المتعاونين من العمل في الهيئة والذين أراهم من وجهة نظري سبباً مباشرا في الفوضى التي كانت الهيئة تعاني منها في الماضي وأتمنى أن لا تتراجعوا عن مثل هذه القرارات ... مبينا أن الهيئة في الوقت الحالي تحاول أن تكون قريبة من المجتمع ولكنه يُعتقد في نفس الوقت أن المجتمع ما زال عنده ريبة وشك ومشكلات معها نتيجة لخلفيات تاريخية وتساءل هل من الممكن أن يعاد النظر في مسمّى الهيئة؟ مدللاً أن هناك مسميات قد تجعل الجهاز قريباً من الناس! أجاب الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئيس الهيئة قائلاً: بالنسبة لاسم الهيئة فهو مستمد من كتاب الله سبحانه وتعالى وكلنا نقرأ القرآن وتعرفون ما ورد فيه وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالنسبة للمتعاونين فمن رأى متعاوناً يتدخل في أعمالنا فليبلغنا وله جائزة، فلا يوجد لدينا متعاونون حالياً ... وأضاف معالي رئيس الهيئة: أود التأكيد أن رجال الهيئة ولله الحمد قد ضربوا أروع الأمثلة في حسن الانضباط وحسن الخلق وأصبح لديهم الآن شعور بالسعادة أثناء تأدية الواجب الشرعي ... وحول التقارب بين جهاز الهيئة والمجتمع قال الدكتور آل الشيخ: لقد أكدت مرات عدّة وما زلت أؤكد على ضرورة بناء الجسور بين الهيئات والمؤسسات وجميع أفراد المجتمع، لذلك بدأنا بإرسال مجموعات من منسوبينا للحضور في المدارس والملتقيات العامة، أيضا بدأنا في إرسال رجال الهيئة لزيارة المرضى بالمستشفيات وإهدائهم الهدايا وحضور المناسبات، وهذا كله سوف ينعكس على علاقتنا بالمزيد من التعاون والمصداقية بين الطرفين، وأؤكد لكم أنه الآن بدأ كثير من أفراد المجتمع يحبون ويشجعون ويتعاونون مع رجال الهيئة ويتمنون لهم التوفيق ... وأضافت الهويريني متسائلة: لماذا يلبس رجال الهيئة البشت أعتقد أن منظر البشت يضع الحواجز بين الناس ورجال الهيئة؟ ثم تساءلت: لماذا لا يكون عضو الهيئة رجلا عادياً يلبس عقالا ويظهر طبيعياً من دون بشت أعتقد أنه سيكون عندئذ شخصاً محبوباً وقريباً من الناس بل قد يتقرب إليه الناس ويتعاونون معه حتى يؤدي وظيفته على أكمل وجه. علّق معالي رئيس الهيئة قائلاً: العبرة بالمخبر وليس بالمظهر هذه ناحية، أما مدى استجابة الناس للتعاون وتقبل رجال الهيئة فكما قلت الحمد لله بدأ يتغير سلوك رجال الهيئة وأصبح هناك تعديل في نمط وسلوك أعضاء الهيئة تجاه المجتمع وبالتالي أصبحنا نلمس تغير أفراد المجتمع تجاه الهيئة نحو الأحسن وسيتطور هذا قريباً إلى التعاون الإيجابي بين الطرفين ... أما الزميلة زكية الحجي طرحت اقتراحاً لرئيس الهيئة فقالت: ألاحظ أن هناك فجوة واسعة ما بين الهيئة والشباب هذه الفجوة يبدو لي أنها بدأت تتقلص حالياً ولكنها ما زالت موجودة، وتساءلت: هل هناك تعاون بينكم وبين وزارة التربية والتعليم بحيث يكون هناك وجود لبعض أعضاء الهيئة في حصص النشاط اللاصفية في المدارس يمكن استغلالها ليس بالضرورة كل أسبوع بل حتى لو كانت مرتين في الشهر بحيث يلتقي طلاب المرحلة الثانوية مع رجال الهيئة لمحاولة التقارب وتضييق الهوة بين الطرفين وتذويب الفواصل الموجودة بينهم. أجاب الشيخ رئيس الهيئة وأكد قائلا: ما أشرت إليه بدأنا فيه فعلاً منذ ما يقارب الشهرين حيث تم تشكيل فريق لزيارة المدارس كما أشرت بذلك حتى إننا اخترنا من ضمن الفريق الذي يتولى هذه المهمة الكابتن خالد القرني أحد الرياضيين المعروفين في المملكة ومدرب المنتخب السعودي، وكان هناك تفاعل خلال هذه الجولات والزيارات وكان ذلك على مستوى المملكة وليس داخل الرياض فقط ... الزميل سعيد الزهراني المحرر بـ (الجزيرة) طرح سؤاله على رئيس الهيئة قائلاً: منذ خمس سنوات وأنا أشارك في معرض الكتاب وقد ظهرت الهيئة في معرض الكتاب هذا العام بطريقة مغايرة عن الأعوام الماضية حيث ضربت مثالاً بليغاً في حسن التعامل مع الجمهور ومع زوار المعرض، معالي الرئيس عند زيارة معاليكم لمعرض الكتاب الأخير قلتم في تصريح صحفي: إنكم لا ترون تسمية المحتسبين بالمتشددين لكن السؤال عندما نرى سلوكيات بعض رجال الهيئة المتشنجة ضد زوار المعرض في السنوات الماضية فما الذي يمكننا أن نسميهم به غير أنهم كانوا متشددين؟ ... أجاب الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رئيس الهيئة: المحتسبون ليسوا كلهم متشددين وليس الغالب عليهم التشدد ولكن كانت الفرصة وقتها مهيأة لهم ولم يأت من يقول لهم: شكراً لكم وأن هناك من يؤدي العمل نيابة عنكم أعتقد أن الأمور كانت تجري هكذا وأيضا لكي أكون منصفاً عرضنا عليهم بأن من يرغب العمل منهم يتقدم إلينا بطريقة رسمية بوظيفة آمر بالمعروف وناه عن المنكر أما كون أنه متبرع فالصدقة على الغني غير جائزة. ومما ذكره رئيس الهيئة عن بعض التجاوزات التي حصلت في المعرض قوله (وكانت هناك تجاوزات على بعض رواد المعرض أو من بعض الناشرين لوجود كتب لا يجوز دخولها لأنها تمس عقائدنا وتمس أمننا واستقرارنا وهذه تعد تجاوزات بالرغم من أنها ليست من صلاحياتنا ولكننا نخبر رجال الأمن بها لأن هناك تعاوناً مثلما يشاركوننا رجال الأمن في بعض الأمور). وهنا تعود الجزيرة لتسأل: ثمة طرح وجدل فقهي حول إغلاق المحلات أوقات الصلوات وخصوصاً الحيوية منها، كيف ينظر معاليكم للأمر؟ ليجيب الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: (تنظيم إغلاق المحلات وقت الصلاة لا يتعلق بنا كجهة تنفيذية تنفذ الأوامر الصادرة في هذا الجانب وهو أمر خاضع لنظام أصدره ولي الأمر وأصبح معمولا في بلادنا ويميزها بحمد الله وهو مبني على منهج الشرع المطهر) ... وحول وجود توجه لمنح المرأة فرص عمل أكبر في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أجاب رئيس الهيئة: (بأن هذا أمر قيد الدراسة للتعرف على المجالات وتحديد احتياجاتها).

هذه بعض النماذج مما جاء في الحوار الذي دار بين الكاتبين والكاتبات وبين رئيس الهيئة تحت قبة صحيفة الجزيرة وذلك مما اشتملت عليه الحلقة الثالثة والرابعة مما نشر في صحيفة الجزيرة وأعلق على ذلك بما يلي:

1ـ اشتمل الحوار إجمالاً على الثناء على رئيس الهيئة وأعضائها في العهد الجديد والنيل من أعمال الهيئة في ما قبل ذلك وهي تزكيات من صحفيين وصحفيات وكاتبين وكاتبات لا يفرح بها؛ لأنها مبنية على اتباع الشهوات، والتزكيات التي يفرح بها لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي التي تحصل من أئمة المساجد وعُمار الصفوف الأولى من المصلين فيها، ومن المعجبات بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهدها الجديد الكاتبة في صحيفة الجزيرة سمر المقرن اللاهثة وراء كشف المرأة وجهها قولاً وفعلاً التي قالت في الحوار مع رئيس الهيئة كما في الحلقة الثانية: (ذهبت مع ابنتي إلى أحد المراكز التجارية بالرغم من أنني منعزلة تماماً عن الأسواق والمطاعم بسبب مضايقات رجال الهيئة للنساء الكاشفات لوجوههن وأنا منهن، وعند صدور قرار اقتصار البيع في المحلات النسائية على النساء، دخلتُ أحد محلات أدوات التجميل للشراء، فطاردونا رجال الهيئة وهددونا بعدم وضع المساحيق على الوجوه،لكن الأمر كان مختلفاً تماماً في معرض الكتاب، فقد وجدت تغيراً كبيراً في تعامل رجال الهيئة فلم أجد منهم أي تجاوز بل كانوا مثالاً لحسن التعامل والرقي بصورة نموذجية وهذا التحسن في التعامل حدث بعد أن تسنمتم منصبكم بأسبوعين فقط)، ويُفهم من كلامها أن من النساء في الأسواق من يبدين وجوههن ويضعن عليها المساحيق فيجمعن بين إظهار الزينة الخَلْقية والزينة المكتسبة، وقد ساءها من رجال الهيئة إنكارهم لهذا المنكر، ومما قالت في حوارها ـ عن خجلها لصورة الهيئة بالخارج ـ: (ففي تصوري أن الهيئة هي المدخل الأول لما يكتب ضدنا في الصحافة الغربية، كنت خارج المملكة الأسبوع الماضي والتقيت ببعض الإعلاميين والإعلاميات، وفي كل سؤال يطرحوه كنت أجد إجابة. لكن الأسئلة التي طرحوها حول الهيئة لم أجد لها إجابة مطلقاً)، وفي ذم الغربيين والتغريبيين لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مدح لهم، كما قال الشاعر:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص

فهي الشهادة لي بأني كامل

2ـ لقد أُعجب المحاورون بالتساهل الذي حصل من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهدها الجديد وطمعوا حتى بتغيير اسم الهيئة المشتمل على لفظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مسميات أخرى وبتغيير زي رجال الهيئة بترك لبس المشالح إلى لبس العقال ليكونوا قريبين من المجتمع بزعمهم وقد أحسن رئيس الهيئة بالتنويه بحسن اسم الهيئة الموجود منذ إنشائها حتى الآن وهو (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لكونه المنصوص عليه في القرآن الكريم. أقول: وقد جاء في القرآن الكريم آيات عديدة نصت على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بل إن من ذلك في سورة آل عمران ثلاثة مواضع في صفحتين متقابلتين وهي قول الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران: 104]، وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)} [آل عمران: 114]، وأما رغبة المحاورين تحت قبة صحيفة الجزيرة بتغيير اسم الهيئة وإخلائه من لفظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبتغيير زي رجال الهيئة من المشلح إلى العقال فهي رغبة منهم في ذوبان رجال الهيئة وأن يكون الزي لهم مماثلاً لزي الصحفيين حتى لا تكون لهم الهيبة التي تكون مع لبس المشالح وهي رغبة منهم في التغيير في الاسم والشكل أيضاً إضافة إلى التغيير في المسمّى والمضمون الذي ظفروا به.

3ـ أما الاحتساب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير الموظفين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو مطلوب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) رواه مسلم (177) عن أبي سعيد رضي الله عنه.

قال ابن كثير في تفسير قول الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104]الآية قال: ((المقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وفي رواية (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل))).

ونسبة الحديث إلى أبي هريرة وَهْمٌ والصواب عن أبي سعيد كما تقدم، وهذا الذي ذكره ابن كثير من الوجوب على كل مسلم بحسبه أمر معروف ومتقرر عند أهل العلم لكن مع الانضباط وأن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن بل إن رئيس الهيئة نفسه قال كما في الحلقة الثانية: (وهناك نصوص شرعية كثيرة تدل على أن الاحتساب ليس مقتصرا على هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنما الاحتساب على كل مسلم يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويرجو ثوابه ويخشى عقابه)، ولذا فإن المحتسبين ممن عندهم علم وبصيرة وحكمة ينبغي أن يستفاد منهم وقد يكونون موظفين في الدولة ليسوا بحاجة إلى وظيفة في الهيئة فلا يناسب أن يقال لأمثالهم: شكرا لكم وأن هناك من يؤدي العمل نيابة عنكم، وأن الصدقة على الغني غير جائزة؛ بل يقال للمحسن أحسنت، وينبغي أن يُميز بين الجاهل فلا يمكن وبين من عنده علم وحكمة فيستفاد منه والزيادة في الخير خير ولذا فإن من العجب قول رئيس الهيئة متوعدا المحتسبين وواعداً بالجائزة لمن يبلغ عنهم: (وبالنسبة للمتعاونين فمن رأى متعاونا يتدخل في أعمالنا فليبلغنا وله جائزة فلا يوجد لدينا متعاونون حالياً)، وكان ينبغي أن تكون هذه الجملة من باب الوعد لا من باب الوعيد فيفرح بالمتعاون العالم الحكيم ويجازى على تعاونه بالدعاء له.

4ـ وأما ما دار في الحوار حول اندماج الهيئة في المجتمع وبناء الجسور بينها وبين المجتمع وأنه حصل البدء بإرسال فريق من أعضاء الهيئة للمدارس والمؤسسات والمستشفيات فذلك من قبيل الاشتغال بغير الواجب عن الواجب، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/343): (قال بعض الأكابر: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور)، ومن أمثلة ذلك: من يشتغل في الليل بالمذاكرة في العلم ثم ينام عن صلاة الفجر، هذا في الاشتغال في النفل عن الفرض أما إذا أُحيِيَ الليل بمشاهدة ما يُبث في الفضائيات مما هو خزي وعار ثم نيم عن صلاة الفجر فهي ظلمات بعضها فوق بعض، وهي من العقوبة على السيئة بالابتلاء بالوقوع في سيئة أخرى، ولا ينتهي العجب مما ذُكر في الحوار من إرسال فريق من أعضاء الهيئة إلى الشباب في المدارس أقحم في الفريق رياضيٌ مشهور قال عنه رئيس الهيئة: (حتى إننا اخترنا من ضمن الفريق الذي يتولى هذه المهمة الكابتن خالد القرني أحد الرياضيين المعروفين في المملكة ومدرب المنتخب السعودي وكان هناك تفاعل خلال هذه الجولات والزيارات وكان ذلك على مستوى المملكة وليس داخل الرياض فقط)، ولا أدري وجه إقحام هذا الرياضي الكابتن في أعضاء الهيئة عند زيارة المدارس فقد يكون ذلك لإدخال السرور على الشباب لأن الغالب عليهم تفضيل اللعب على الجد.

لقد هَزَلت حتى بدا من هُزالها

كُلاها وحتى سامها كل مفلس

وهذا البيت فيه وصف دابة بالهُزال الشديد الذي ظهر معه كُليتاها من اليمين والشمال من شدة ضمور بطنها حتى تقدَّم لشرائها من ليس عنده إلا الفلوس التي تَقِلُّ عن الدرهم الواحد، وللهيئة في استعانتها بالرياضيين في أدائها لأعمالها شبه بهذه الدابة الهزيلة، ومن العجيب الغريب أن يقحم كابتن رياضي في رجال الهيئة ويستعان به في هذه الزيارات ولا يستعان بالمحتسبين.

5ـ أما ما ذكره رئيس الهيئة عمّا يكون في المعرض من كتب تمس العقيدة والأمن والاستقرار وأن تدخل رجال الهيئة في ذلك ليس من اختصاص الهيئة بل هو تعاون مع رجال الأمن، فمن الغريب أن لا يكون مثل ذلك من اختصاص الهيئة مع أنه من أنكر المنكرات، وكيف يليق أن يوجد في بلاد التوحيد كتب تباع تشتمل على محاربة التوحيد ودولة التوحيد ولا تكون من واجبات الهيئة؛ بل الاحتساب في ذلك مطلوب من رجال الهيئة ومن أعضاء الدعوة والإرشاد التابعين لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وأيضا من الزوار الغيورين على العقيدة والأمن في بلاد الحرمين.

6ـ وأما ما ذكره رئيس الهيئة عن إغلاق المحلات وقت الصلاة وأنه لا يخص الهيئة كجهة تنفيذية فلا أدري ما وجه هذا الكلام مع أن كلاً يعلم أن الذي يباشر الأمر بإغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة لأداء صلاة الجماعة والدعوة إلى الصلاة في المساجد هم رجال الهيئة، وهذا شيء أعرفه منذ سن الطفولة ويعرفه غيري، والتهوين من شأن صلاة الجماعة في المساجد وإغلاق المحلات التجارية وقت أدائها مما يحرص عليه متبعو الشهوات، وقد جاء في القرآن الكريم التلازم بين إضاعة الصلاة واتباع الشهوات في قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} [مريم: 59]؛ بل وجد من بعض المتكلفين ـ وهو أحمد قاسم الغامدي ـ من هون من صلاة الجماعة وإغلاق الحوانيت وقت أدائها فكتب مقالا نشرت صحيفتا المدينة وعكاظ في يوم الأحد 4/5/1431هـ جملا منه وقد رددت عليه بكلمة بعنوان ((تحذير أهل الطاعة من الهذيان المثبط عن صلاة الجماعة)) نشرت في 20/5/1431هـ.

7ـ وأما ما ذكره رئيس الهيئة من التوجه لتوظيف النساء في الهيئة وأن الموضوع قيد الدراسة للتعرف على المجالات واحتياجاتها فهو من التجديد غير السديد في أعمال الهيئة، ومن المعلوم أن أعمال الهيئة ميدانية فهل ستكون المرأة عضواً في الهيئة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في الأسواق العامة، وهل ستكون سافرة أو متحجبة؟! ولما بلغني توجه رئيس الهيئة إلى توظيف النساء في الهيئة واتجاهه إلى طلب إحداث وظائف كثيرة لتوظيفهن بادرت ببعث برقية إليه بتاريخ 22/4/1433هـ جاء فيها: ((وبعد؛ فقد سَلِمَت رئاسة الهيئات في الماضي من دخول النساء فيها وإن حدث دخولهن في عهدكم واستمر لحقتكم تبعاته في الحياة وبعد الممات، ومن سوء حظ المرء أن يكون مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر، فاتق الله يا حفيد شيخ الإسلام في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه البلاد، ولا تكن عند حسن ظن التغريبيين الذين يريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً، وكل صاحب ولاية سيتركها عاجلاً أو آجلاً، ممدوحاً مأجوراً إن أحسن ومذموماً مأزوراً إن أساء)).

وفتنة النساء هي أضر فتنة خشيها صلى الله عليه وسلم على الرجال، وهي أول فتنة كانت في بني إسرائيل قال صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) رواه البخاري (5096) ومسلم (6945) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) رواه مسلم (6948) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال التابعي الجليل حسان بن عطية المحاربي رحمه الله كما في الحلية لأبي نعيم (6/76): (ما أُتِيَت أمة قط إلا من قبل نسائهم)، وهذا التابعي خرَّج له أصحاب الكتب الستة وهو ثقة فقيه عابد كما في تقريب التهذيب، وقد أُتي الغربيون والمستغربون في هذا الزمان من قبل النساء ويريد التغريبيون أن تلحق بلاد الحرمين بغيرها في هذه الفتنة فتكون تابعة لغيرها في الشر والأصل أن تكون متبوعة في الخير.

8ـ جاء في الحلقة الثانية سؤال مطول من أحد كتاب صحيفة الجزيرة مما قال فيه: (ففي الإعلام هناك سيدات يظهرن في التلفزيون كاشفات لوجوههن بينما يطاردن في الأسواق على أنهن متبرجات وكاشفات)، وقد أجاب رئيس الهيئة على سؤاله بقوله: (لقد طرحت سؤالاً كبيراً ولكن ما أود قوله: إن الفتوى قبل أن تخرج على الملأ يجب أن تكون متكاملة مدروسة من جميع الجوانب السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية وتكون هذه الفتوى مبنية على هذه العوامل، ويجب أن تكون الفتوى متكاملة لتصور المجتمع؛ لكن بيئتنا وظروفنا لا تتحمل مثل هذا وللأسف ... فالناس تعودوا على عادة ويرون أنه لابد من الاستمرار عليها بالرغم من تغير الظروف الآن؛ لكن أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعين دار الإفتاء ويوفقهم إلى القيام بما اؤتمنوا عليه وهم علماؤنا ومشايخنا ورموزنا، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينهم ويوفقهم ولكن لا تنس أيضا أن كثيرا من السائلين لا يخلون من سوء النية فيسألون سؤالاً يقصدون به أمراً آخر فيحرجون المسؤول الذي سئل فتجد السؤال لقضية خاصة تنسحب على قضية عامة والله المستعان).

أقول: لا أدري عن حقيقة ما أراده رئيس الهيئة من البيئة والظروف والاستمرار على العادات بالرغم من تغير الظروف الآن، هل هو راجع إلى ما ذكره السائل من التبرج وكشف الوجوه في الأسواق وهو كلام موهم ونظيره ما كتبه رئيس الهيئة قبل سنتين في السفور والاختلاط نشرته صحيفة الجزيرة بتاريخ 2/6/1431هـ وقد رددت عليه بكلمة بعنوان ((لماذا الكلام الموهم في فتنة اختلاط الجنسين يا حفيد شيخ الإسلام)) نشرت بتاريخ 5/7/1431هـ ولم يتعرض في مقاله القديم وحواره الجديد للإشارة إلى وجوب تغطية المرأة وجهها، وبعد ذلك المقال عرفه التغريبيون وغيرهم ولم أعرفه ولم يعرفه كثيرون ممن أعرفهم إلا بعد صدور ذلك المقال الذي رددت عليه ومثله أحمد قاسم الغامدي الذي لم يُعرف إلا بعد هذيانه في إباحة اختلاط الجنسين في بلاد الحرمين الذي رددت عليه بكلمة بعنوان ((أسوأ هذيان ظهر حتى الآن في فتنة اختلاط الجنسين في بلاد الحرمين)) نشرت بتاريخ 10/1/1431هـ، وأما ما ذكره من صفات يجب أن تكون عليها الفتوى فالأمر في ذلك راجع إلى سماحة المفتي واللجنة الدائمة للإفتاء إن كانوا بحاجة إلى الأخذ بهذه الخطة التي رسمها لهم وهو بهذا يحتسب على جهة الإفتاء ويطعن في عملها، فلماذا يمنع الاحتساب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! ويفهم من كلامه أنه غير راضٍ عن بعض فتاوى جهة الإفتاء ولهذا قال ما قال أصلح الله حاله وفعاله.

9ـ جاء في سؤال أحد الكتاب عن نظام الهيئة وما ينبغي أن يكون عليه بزعمه قال فيه كما في الحلقة الثانية: (أيضا نحن بحاجة أن تكون المنكرات منصوصاً عليها في النظام حتى لا تبقى هذه المنكرات تقديرية للمحتسب، فالمنكرات ليست على درجة واحدة فالإنكار لا يكون على مستوى واحد هناك فارق كبير بين الإنكار في مسائل الاجتهاد والإنكار في مسائل الاختلاف، يجب أن نفرق بين المنكر اللازم والمنكر المتعدي في الإنكار سواء في درجة الإنكار أو في درجة العقوبة ومثله التفريق بين المنكر المتفق عليه والمنكر المختلف فيه، هذا التقنين لا يعني تحجيم دور المحتسبين بل يعني تصحيح مفاهيمهم حفظاً للشعيرة وترسيخاً للسماحة المطلوبة). أجاب رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلاً: (النظام الذي تعمل به الهيئة الآن قيد التطوير وننتظر إن شاء الله صدور النظام الجديد سيكون فيه خير كثير بإذن الله).

أقول: قد مضى على صدور نظام الهيئة أكثر من ثلاثين سنة، فلماذا تأخر تطويره إلى العهد الجديد وانتظار صدور نظام جديد قال عنه رئيس الهيئة (وننتظر إن شاء الله صدور النظام الجديد سيكون فيه خير كثير بإذن الله)، وقبل ثلاث سنوات انتشر مشروع نظام للهيئة جاء في المادة الأخيرة منه (يُلغى نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م 37) بتاريخ 26/10/1400هـ ولائحته التنفيذية، كما يلغى كل حكم في أي نظام آخر يخالف أحكام هذا النظام). اشتمل على أن المعروف ما أجمع على أنه معروف والمنكر ما أجمع على أنه منكر، وقد سألت رئيس الهيئة في ذلك الوقت الشيخ إبراهيم الغيث عن هذا النظام وهل مرَّ على الهيئة فأخبرني بأنه لا علم للهيئة به وأنه لم يمرّ عليها، وبتلك المناسبة كتبت رسالة بعنوان ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها)) طبعت في عام 1430هـ، أوضحت فيها أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام من اثني عشر وجهاً، وأن من ميزات الدولة السعودية إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ بداية عهد الملك عبد العزيز رحمه الله واستمرارها في عهود أبنائه الذين ولوا الأمر من بعده، ثم قلت (ص22): (ومع عظم شأن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه البلاد وعموم نفعها واهتمام ولاة الأمر بها، فقد وُجد من بعض الكُتّاب من ينال منها ويتصيد أخطاءها ويقلل من شأنها؛ لأن أعمالها لا تروق لمن يتبع الشهوات، بل وُجد منهم ـ فيما نُشر عنه بتاريخ 26/12/1429 هـ ـ من يتمنى زوالها ويدعو إلى إلغائها في إطار الإصلاح الإداري لأن الزمن تجاوزها بزعمه، وأنها تحوي المتشددين الذين يرفضون السينما وقيادة المرأة للسيارة، ومن متبعي الشهوات من يتمنى أن يكون للهيئات تنظيم يقص أجنحتها ويشل حركتها ويحدُّ من نشاطها لتكون اسماً بدون مسمى وجسداً بلا روح، يُقتصر فيه على الأمر بما أُجمع على أنه معروف وعلى النهي عما أُجمع على أنه منكر، يتسنَّى فيه لمن يهوى الانفلات واتباع الشهوات أن يقول مثلاً: إن كشف وجه المرأة واختلاطها بالرجال جائز، وإن حضور صلاة الجماعة في المساجد ليس بلازم، وإن في إغلاق الحوانيت لأداء صلاة الجماعة شلاًّ للحركة الاقتصادية ـ وقد قيل ذلك من قبل في بعض الصحف ـ بدعوى أن في ذلك خلافاً، فينتقي متبعو الشهوات ما يناسب نفوسهم الأمارة بالسوء، والواجب عند الخلاف التعويل على ما يؤيده الدليل لا الأخذ بما تشتهي النفوس وتميل إليه، وقد قال الشافعي كما في كتاب الروح لابن القيم (ص: 395): ((أجمع الناس على أن من استبانت له سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد))، وروى ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله (2/91) عن سليمان التيمي أنه قال: ((إذا أخذتَ برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله))، ثم قال ابن عبد البر: ((هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً))، وروى البيهقي في سننه الكبرى (10/211) بإسناد حسن عن الأوزاعي رحمه الله قال: ((من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام))).

ثم ذكرت نقولا عن جماعة من العلماء في ذلك منها قول ابن الصلاح رحمه الله في فتاويه (ص300): ((مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد)) وعزاه إليه ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/228).

وقد قال الشاعر:

وليس كل خلاف جاء معتبرا

إلا خلاف له حظ من النظر

ثم ذكرت بعد ذلك بعض الأدلة على وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها وتسعة أدلة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد، وقد كتبت رسالة بعنوان (وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها) طبعت في عام 1430هـ، وفي بيان فساد تعويل التغريبيين على الشواذ في مسائل الخلاف كتبت كلمة بعنوان ((دعاة التغريب ومصطلحهم ((التعددية)) و((الأحادية)) لانتقاء ما يوافق أهواءهم)) نشرت بتاريخ 24/2/1431هـ، وهذا النظام الذي ذكره رئيس الهيئة للمتحاورين معه من الصحفيين والصحفيات وهو في انتظار صدوره، إن كان له وجود فنحن في انتظار موته كما مات النظام الذي أشرتُ إليه وكان سبباً لتأليف رسالة ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها)) التي أشرت إليها.

10ـ نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 1/6/1433هـ خبراً جاء فيه (أصدر معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ د. عبد اللطيف آل الشيخ، تعميما لجميع مديري فروع الرئاسة بمناطق المملكة يؤكد على الجهات المسؤولة في الرئاسة ومديري الفروع والمراكز بالتأكد من عدم حدوث أي ممارسة لمطاردة الأشخاص سواء متهمين أو مخالفين، وذلك لما تنطوي عليه من مفاسد خطرة وعواقب وخيمة على الأرواح والممتلكات وإضرار بطرفي المطاردة وبالأبرياء، وأكد معاليه لمسؤولي الرئاسة وجوب الاكتفاء بتدوين رقم أو معلومات عن المطلوب وإبلاغ الجهات الأمنية لمتابعة القضية بما يضمن عدم تداخل صلاحيات الجهات الحكومية الأخرى، وأوضح التعميم أنه ستتخذ الإجراءات الحازمة مع من يخالف هذا التوجيه، يأتي هذا التعميم ضمن حزمة الإجراءات التي اتخذها معالي الرئيس العام ضمن استراتيجية واضحة لتنظيم الأداء الميداني بما يحقق المصالح العامة وفق اهتمامات وتطلعات ولاة الأمر، ويرعى حقوق أفراد المجتمع).

أقول: هذا التوجيه يدخل السرور على متبعي الشهوات وفيه شل لنشاط رجال الهيئة في القضاء على المنكرات أو تقليلها وإذا اكتفى رجال الهيئة بإبلاغ الجهات الأمنية برقم أو معلومات عن المطلوب ثم عُثر على صاحب الرقم بعد ذلك إذا كان معه فتاة كان من السهل عليه أن يعتذر بقوله: إنها من محارمه، ومما يدخل أيضا تحت حزمة الإجراءات التطويرية من رئيس الهيئة التي أعجب الصحفيون بإحداثها إتجاهه إلى توظيف النساء في الهيئة، وانتظاره صدور نظام جديد للهيئة يشتمل على تطويرها، ومنع المحتسبين المؤهلين من الاحتساب، وأن إنكار وجود كتب تمس العقيدة والأمن والاستقرار في معارض الكتب ليس من صلاحيات الهيئة، والاستعانة برموز الرياضيين واصطحاب رجال الهيئة لهم عند زيارة المدارس دون اصطحاب المحتسبين المؤهلين، وهذه الأمور الستة داخلة تحت حزمة الإجراءات المزعومة التي نالت رضى التغريبيين عن الهيئة في عهدها الجديد.

وأقول في الختام: إن أي إضعاف لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خطير وممقوت لو حصل من أي مسؤول فيها ويزيد الأمرُ خطورة ومقتاً أن يحصل ذلك على يد حفيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فرح بتعيينه في 19/ 2/1433هـ التغريبيون المتبعون الشهوات وحزن له الغيورون على هذه البلاد حكومة وشعباً، وبعد تعيينه بثلاثة أيام كتبت كلمة نشرت في 22/2/1433هـ بعنوان ((طوفان بيع النساء بالأسواق العامة المحدث هذه الأيام يزداد ضرره كل يوم)) وقد كان هوَّن من شأن بيع النساء في الأسواق العامة في مقاله الذي رددت عليه بالكلمة التي أشرت إليها في التعليق الثامن وقد قلت في هذه الكلمة: ((وعسى أن يكون هذا الرئيس الجديد هدي إلى التي هي أقوم وتغيرت حاله إلى ما هو أحسن فيسير بهذه المؤسسة العظيمة على الجادة المستقيمة فتخيب آمال التغريبيين ويصير فرحهم حزنا، وإن بقي على حسن ظنهم به فلا يستحق إلا التعزية بوصوله إلى هذا المنصب))، ومن يقف على ما دار في الحوار تحت قبة صحيفة الجزيرة يعلم بأنه باق على حسن ظن التغريبيين فيكون بذلك مستحقاً للتعزية، ولو كنت أقرظ الشعر لرثيت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتغيير والتغير الذي حصل لها في العهد الجديد، والخير كل الخير له أن يوفق للرجوع إلى الحق لأن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، كما جاء ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في القضاء (إعلام الموقعين لابن القيم 1/86).

وأسأل الله عز وجل أن يحفظ هذه البلاد حكومة وشعبا من كل شر وأن يوفقها لكل خير، وأن يبقي دولتها السعودية محكِّمة لشرع الله مستقيمة على أمر الله آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر على الوجه الذي يرضيه وينفع عباده وأن يصلح لولاة أمرها البطانة ويصرف عنهم بطانة السوء، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

15/8/1433هـ،

عبد المحسن بن حمد العباد البدر